اسمحوا لي بهذا التعقيب البسيط وهو أن فهم البشر لما هو ذكوري وما هو انثوي, يتغيير من مجتمع الى اخر وبنفس الوقت في المجتمع نفسه عبر التاريخ, ولا يتغير المعنى فقط بل ان السلوك نفسه للبشر يتغيير, وهذا يتعارض تماما مع الفهم الشائع عندنا بالجوهر الثابت الذي لا يتغير. حيث يتاسس الوعي عندنا على تقسيم البشر وفرزهم تماما مثل كفار ومؤمنين, هنا تتأسس عملية الفرز على طبيعي وشاذ, طبعا الطبيعي هو انا والشاذ هو الاخر. وهذه النظرة تنسحب على كافة القضايا وليست المثلية الجنسية الى واحدة منها, تنسحب عند تعاملنا مع "الفكر " فتجد من يبحث عن " الفكر الطبيعي" والفكر الشاذ" احد الزملاء هجومه على الكفار والزنادقة يقوم في نفس المقال بالربط بين ما يسميه الشذوذ الفكري والشذوذ الجنسي. ثم يتبع كلامه بنظرة دونوية لذلك " الشاذ" .حيث يقوم الانسان بمركزة الكون كله حول نفسه ويرى كل ماهو مختلف عنه " شاذا" , وايضا تنسحب على نظرتنا لمفهوم " العائلة" مثلا , حيث نلاحظ مثلا ان العرب والمسلمين بشكل خاص يعتبروا ان العائلة التقليدية هي جوهر لا يتغيير ابدا, ويروها غير مرتبطة ابدا بالتغير الذي يطرأ على بنية المجتمع وهكذا يحاكمو المجتمع الاوروبي ويتهموه "بالانحلال " ويعتبروا ان ارتفاع نسبة الطلاق مثلا دليل على هذا الانحلال ويريدوا من المجتمعات الاوروبية ان تعود الى الجوهر الصحيح.هم عاجزين على ان يربطوا بين ارتفاع معدلات الطلاق و النظرة الحديثة للانسان وللمراة والتي سادت اوروبا.وبين ارتفاع معدلات الطلاق مثلا و تغيير الوعي الاجتماعي وتطوره والذي لم يعد ينظر للمراة المطلقة تلك النظرة المرعبة التي ينظر لها البشر في مجتمعاتنا لها. وهو ايضا عاجز ان يربطها بالشخصية المستقلة للمرأة اقتصاديا واجتماعيا. هو يريد ان يتطور ولكن بنفس الوقت يريد ان يحافظ على " الجوهر" !!!
وشكرا لحسن اصغائكم
مصطفى