منتدى قرية الصومعة
اهلا بك عزيزي الزائر
لكي تتمكن من مشاهدة جميع محتويات المنتدى يجب عليك التسجيل
هناك الكثير من المواضيع الشيقة و الممتعة التي لا تظهر الا عند التسجيل
مع تحيات ادارة و اعضاء منتدى قرى صافيتا
منتدى قرية الصومعة
اهلا بك عزيزي الزائر
لكي تتمكن من مشاهدة جميع محتويات المنتدى يجب عليك التسجيل
هناك الكثير من المواضيع الشيقة و الممتعة التي لا تظهر الا عند التسجيل
مع تحيات ادارة و اعضاء منتدى قرى صافيتا
منتدى قرية الصومعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى قرية الصومعة


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
nada
عضو نشيط
عضو نشيط
nada


انثى
عدد الرسائل : 32
سمعة العضو : 0
نقاط : 119609
تاريخ التسجيل : 04/01/2008

قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر Empty
مُساهمةموضوع: قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر   قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر I_icon_minitime2008-04-09, 01:06

[center][size=12] [center][size=12]النمور في اليوم العاشر




رحلت الغابات بعيدًا عن النمر السجين في قفص، ولكنه لم يستطع نسيانها، وحدق غاضبًا إلى رجال يتحلقون حول قفصه وأعينهم تتأمله بفضول ودونما خوف. وكان أحدهم يتكلم بصوت هادئ ذي نبرة آمرة: (إذا أردتم حقّا أن تتعلموا مهنتي، مهنة الترويض، عليكم ألاّ تنسوا في أي لحظة أن معدة خصمكم هدفكم الأول، وسترون أنها مهنة صعبة وسهلة في آن واحد. انظروا الآن إلى هذا النمر. إنه نمر شرس متعجرف، شديد الفخر بحريته وقوته وبطشه، ولكنه سيتغير، ويصبح وديعًا ولطيفًا ومطيعًا كطفل صغير. فراقبوا ما سيجري بين من يملك الطعام وبين من لا يملكه، وتعلَّموا).

فبادر الرجال إلى القول إنهم سيكونون التلاميذ المخلصين لمهنة الترويض. فابتسم المروِّض مبتهجًا، ثم خاطب النمر متسائلاً بلهجة ساخرة: (كيف حال ضيفنا العزيز).

قال النمر: (أحضر لي ما آكله، فقد حان وقت طعامي).

فقال المروض بدهشة مصطنعة: (أتأمرني وأنت سجيني؟ يا لك من نمر مضحك! عليك أن تدرك أني الوحيد الذي يحق له هنا إصدار الأوامر).

قال النمر: (لا أحد يأمر النمور).

قال المروض: (ولكنك الآن لست نمرًا. أنت في الغابات نمر. أما وقد صرت في القفص، فأنت الآن مجرد عبد تمتثل للأوامر وتفعل ما أشاء).

قال النمر بنزق: (لن أكون عبدًا لأحد).

قال المروض: (أنت مرغم على إطاعتي لأني أنا الذي أملك الطعام).

قال النمر: (لا أريد طعامك).

قال المروض: (إذن جع كما تشاء، فلن أرغمك على فعل ما لا ترغب فيه).

وأضاف مخاطبًا تلاميذه: (سترون كيف سيتبدل، فالرأس المرفوع لا يشبع معدة جائعة).

وجاع النمر، وتذكَّر بأسى أيام كان ينطلق كريح دون قيود مطاردًا فرائسه.

وفي اليوم الثاني، أحاط المروض وتلاميذه بقفص النمر، وقال المروض: (ألست جائعًا؟ أنت بالتأكيد جائع جوعًا يعذب ويؤلم. قل إنك جائع فتحصل على ما تبغي من اللحم).

ظل النمر ساكتًا، فقال المروض له: (افعل ما أقول ولا تكن أحمق. اعترف بأنك جائع فتشبع فورًا).

قال النمر: (أنا جائع).

فضحك المروض وقال لتلاميذه: (ها هو ذا قد سقط في فخ لن ينجو منه).

وأصدر أوامره، فظفر النمر بلحم كثير.

وفي اليوم الثالث، قال المروض للنمر: (إذا أردت اليوم أن تنال طعامًا، فنفِّذ ما سأطلب منك).

قال النمر: (لن أطيعك).

قال المروض: (لا تكن متسرعًا، فطلبي بسيط جدّا. أنت الآن تحوص في قفصك، وحين أقول لك: قف، فعليك أن تقف).

قال النمر لنفسه: (إنه فعلاً طلب تافه، ولا يستحق أن أكون عنيدًا وأجوع).

وصاح المروض بلهجة قاسية آمرة: (قف).

فتجمد النمر توّا، وقال المروض بصوت مرح: (أحسنت).

فسرّ النمر، وأكل بنهم، بينما كان المروض يقول لتلاميذه: (سيصبح بعد أيام نمرًا من ورق).

وفي اليوم الرابع، قال النمر للمروض: (أنا جائع فاطلب مني أن أقف).

فقال المروض لتلاميذه: (ها هو ذا قد بدأ يحب أوامري).

ثم تابع موجهًا كلامه إلى النمر: (لن تأكل اليوم إلاّ إذا قلدت مواء القطط).

فكظم النمر غيظه ، وقال لنفسه: (سأتسلى إذا قلدت مواء القطط).

وقلد مواء القطط، فعبس المروض، وقال باستنكار: (تقليدك فاشل. هل تَعُدّ الزمجرة مواء).

فقلد النمر ثانية مواء القطط، ولكن المروض ظل متجهم الوجه، وقال بازدراء: (اسكت اسكت. تقليدك ما زال فاشلاً. سأتركك اليوم تتدرب على مواء القطط، وغدًا سأمتحنك. فإذا نجحت أكلت. أما إذا لم تنجح فلن تأكل).

وابتعد المروض عن قفص النمر وهو يمشي بخطى متباطئة، وتبعه تلاميذه وهم يتهامسون متضاحكين. ونادى النمر الغابات بضراعة، ولكنها كانت نائية.

وفي اليوم الخامس، قال المروض للنمر: (هيا، إذا قلدت مواء القطط بنجاح نلت قطعة كبيرة من اللحم الطازج).

قلد النمر مواء القطط، فصفق المروض، وقال بغبطة: (عظيم! أنت تموء كقط في شباط).

ورمى إليه بقطعة كبيرة من اللحم.

وفي اليوم السادس، ما إن اقترب المروض من النمر حتى سارع النمر إلى تقليد مواء القطط، ولكن المروض ظل واجمًا مقطب الجبين، فقال النمر: (هأنذا قد قلدت مواء القطط).

قال المروض: (قلّد نهيق الحمار).

قال النمر باستياء: (أنا النمر الذي تخشاه حيوانات الغابات، أقلد الحمار! سأموت ولن أنفذ طلبك!).

فابتعد المروض عن قفص النمر دون أن يتفوه بكلمة.

وفي اليوم السابع، أقبل المروض نحو قفص النمر باسم الوجه وديعًا، وقال للنمر: (ألا تريد أن تأكل؟).

قال النمر: (أريد أن آكل).

فحاول النمر أن يتذكر الغابات، فأخفق، واندفع ينهق مغمض العينين، فقال المروض: (نهيقك ليس ناجحًا، ولكنني سأعطيك قطعة من اللحم إشفاقًا عليك).

وفي اليوم الثامن، قال المروض للنمر: (سألقي مطلع خُطبة، وحين سأنتهي صفِّق إعجابًا).

قال النمر: (سأصفّق).

فابتدأ المروض إلقاء خطبته، فقال: (أيها المواطنون.. سبق لنا في مناسبات عديدة أن أوضحنا موقفنا من كل القضايا المصيرية، وهذا الموقف الحازم الصريح لن يتبدل مهما تآمرت القوى المعادية، وبالإيمان سننتصر).

قال النمر: (لم أفهم ما قلت).

قال المروض: (عليك أن تعجب بكل ما أقول، وأن تصفق إعجابًا به).

قال النمر: (سامحني. أنا جاهل أمي، وكلامك رائع، وسأصفق كما تبغي).

وصفق النمر، فقال المروض: (أنا لا أحب النفاق والمنافقين، ستحرم اليوم من الطعام عقابًا لك).

وفي اليوم التاسع، جاء المروض حاملاً حزمة من الحشائش، وألقى بها للنمر، وقال: (كل).

قال النمر: (ما هذا أنا من آكلي اللحوم).

قال المروض: (منذ اليوم لن تأكل سوى الحشائش).

ولما اشتد جوع النمر، حاول أن يأكل الحشائش، فصدمه طعمها، وابتعد عنها مشمئزًا، ولكنه عاد إليها ثانية، وابتدأ يستسيغ طعمها رويدًا رويدًا.

وفي اليوم العاشر، اختفى المروض وتلاميذه والنمر والقفص، فصار النمر مواطنًا، والقفص مدينة.
[/size][/center][/size][/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
DMM
مشرف عام
مشرف عام
DMM


ذكر
عدد الرسائل : 1869
العمر : 47
مزاجي : قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر S3eed10
سمعة العضو : 103
نقاط : 122084
تاريخ التسجيل : 17/11/2007

قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر   قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر I_icon_minitime2008-04-09, 02:23

مشكورة يا ندى على هالقصص الممتعة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alsom3a.ahlamontada.com
انسام
مشرف عام
مشرف عام
انسام


انثى
عدد الرسائل : 579
سمعة العضو : 53
نقاط : 120594
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر   قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر I_icon_minitime2008-04-09, 03:01

حلوة كتير
ومبروك المنصب الجديد
ولا تتأخري علينا
:a18:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nada
عضو نشيط
عضو نشيط
nada


انثى
عدد الرسائل : 32
سمعة العضو : 0
نقاط : 119609
تاريخ التسجيل : 04/01/2008

قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر   قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر I_icon_minitime2008-04-19, 22:08

يا أيها الكرز المنسي




شهقت ضيعتنا مدهوشة لما علمت أن عمر القاسم قد صار وزيرًا. وها هي ذي ضيعتنا يا عمر كما تركتها وردة من طين، وعشبًا أصفر، ونهرًا من الأطفال الحفاة.

وارتبك عمر قليلاً، ولكنه قال لأمه: (لا داعي إلى البكاء. لست ذاهبًا إلى المشنقة).

فمسحت أمه دموعها بأصابعها، وقالت بصوت مرتعش: (ليس لي غيرك في الدنيا. احرص على صحتك يا بني، فالقرى كلها أمراض وأوساخ. مسكين أنت. لو كان لك قريب مهم لما عينت معلمًا في قرية).

فقال لها عمر بلهجة مرحة: (اطمئني يا أمي اطمئني، فابنك ليس زجاجًا سهل الكسر).

وعمَّ ضيعتنا الفرح، ورحبت بحرارة بذلك النبأ الذي أذاعه الراديو. إذن عمر القاسم صار وزيرًا، فسبحان من يعطي دون أن يسأل، وصدق من قال إن من جدّ وجد.

(ماذا يشتغل الوزير?).

(تخصص له سيارة أحلى من أجمل بنت).

(ويقبض في آخر كل شهر معاشًا يتيح له أن يأكل خروفًا في كل يوم).

(وعندما يدخل إلى مبنى وزارته، يرتجف الموظفون خوفًا ويسلمون عليه كأنه عيسى النازل من السماء).

(ويأمر فيطاع. يقول للمطر انزل فينزل).

(وإذا أمر الآغا فهل يطيع الآغا).

وحدق أهل الضيعة بوجوم وفضول إلى شاب نزل من الباص الآتي من دمشق. كان شابّا مرفوع الرأس، ذا عينين وديعتين وصارمتين في آن واحد. سلّم علينا كأنه واحد من أهلنا غاب عنا زمنًا ثم عاد. قال لنا إن اسمه عمر القاسم، وهو معلم المدرسة الجديدة.

وقال واحد من أهل الضيعة: (يجب أن نذهب إلى دمشق لتهنئته).

قال آخر بحماسة: (سنذهب كلنا.. الرجال والنساء والصغار).

وقال ثالث: (ستذهب أيضًا الأبقار والخراف والدجاج والأرانب).

قال رابع: (الفكرة عظيمة، ولكن من سيدفع أجرة الباص هل نذهب سيرًا على الأقدام?).

ران الصمت حينًا، ثم قال رجل عجوز: (يكفي أن يذهب واحد منا ويهنئه باسم الضيعة. هو يعرف حالنا، ولن يعتب علينا).

(ولكن من سيذهب?).

قال العجوز: (اختاروا من تشاؤون. فليذهب مثلاً أبو فياض).

فحاول أبو فياض الرفض، غير أن أصواتنا حاصرته قائلة:

(أنت أعقلنا).

(وأكبرنا سنّا وقدرًا).

(وأنت تتقن الكلام حتى مع الملوك).

(كان عمر يحبّك).

(دائمًا كان يشرب الشاي عندك).

(كان يحب حديثك).

(كان صديقك).

قال أبو فياض: (ولكن عمر كان أيضًا صديقكم وكان يحبكم. أنسيتم?).

ونظر عمر بحب إلى الأولاد المسمَّرين على المقاعد، وقال لهم: (أنا معلمكم الجديد. اسمي عمر... عمر القاسم. إني أحب المجتهدين. أما الكسالى فمن الأفضل لهم أن يتخلوا عن كسلهم وإلاّ...).

ورفع رجل أشيب طفله الصغير إلى أعلى بحركة فخور، وقال: (سأسميه عمر كاسم جده).

ونظر إلى الأم الشاحبة الوجه المستلقية على الفراش، وضحك، وقال لها: لو كان يعرف ما ينتظره لرفض المجيء، ويوم أموت لن يرث سوى ثيابي).

وقلنا لأبي فياض: (لا فائدة في التهرب. ستذهب إلى دمشق وتقابل عمر وتهنئه).

فهزّ أبو فياض رأسه موافقًا مستسلمًا.

وقال مختار الضيعة لعمر: (يا أستاذ.. حتى الآن لم تذهب لزيارة الآغا).

قال عمر: (لماذا أذهب ما دمت لا أعرفه، وهو لا يعرفني?).

قال المختار: (اللباقة ضرورية، والآغا سينفعك، فكل ما تراه عينك من أراض في الضيعة هي ملكه).

قال عمر: (أبي وأمي لم يعلِّماني اللبّاقة، وعملي في الضيعة أن أعلِّم الصغار القراءة والكتابة).

وقال أهل الضيعة لأبي فياض: (قل لعمر إننا ما زلنا جياعًا).

(قل له إن جوعنا ازداد).

(بتنا نأكل حتى الحصى).

(حدثه عن القمل الذي يأكلنا).

(وعن اللحم الذي نسينا طعمه).

(حدّثه عن أمراضنا).

(قل له إننا بحاجة إلى أطباء وأدوية).

(ضيعتنا بحاجة إلى ماء نظيف للشرب).

(حدّثه عن شوقنا إلى نور الكهرباء).

(كلّمه عن الآغا وأفعاله).

(نحن نشتغل وهو يحصد).

(نحن نشتغل وهو يحصد). وقال رئيس مخفر الشرطة لعمر: (إني والله يا أستاذ أعُدُّك كأخي تمامًا، وسأنصحك نصيحة، أنت حر، إن شئت اعمل بها أو ارمها وراء ظهرك. أنت دائم السهر مع فلاحي الضيعة، ولا يليق بأستاذ مثلك أن يسهر معهم. معلم المدرسة شخصية محترمة).

قال عمر: (فلاحو الضيعة ناس طيبون).

قال رئيس المخفر: (وأنت تكلمهم كلامًا إذا سمعه الآغا فسيزعل، وإذا زعل الآغا، فالله يعلم ما يحدث).

وصاح شاب من شبان الضيعة: (اسمعوا.. من المناسب أن يأخذ أبو فياض معه هدية لعمر).

فتعالت أصواتنا مؤيدة، ولكن أي هدية نختار (خروف أو عدة دجاجات).

(هذه هدية لا تليق بوزير).

(إذن أي هدية نرسل!).

قال أبو فياض: (أفضل هدية هي سلة من كرز ضيعتنا. أتذكرون كم كان عمر يحب كرز ضيعتنا، ويقول عن لونه الأحمر إنه تعبنا ودمنا).

فأثنينا جميعًا على رأي أبي فياض.

وقال لنا عمر: (الظلم لا يدوم).

وقال لنا: (كيف تقبلون بحياة الذل!).

فقلنا له: (العين بصيرة واليد قصيرة).

فقال عمر بصوت غاضب: (اليد قصيرة لأن القلب خائف).

وأقبل ليلٌ أبيضُ، واستسلمت الضيعة للنوم، وكنا نحن الفقراء جسدًا واحدًا مرتجفًا مبتهجًا ينادي أيام كنا ننصت لكلام عمر مبهورين، فكأنه عاش أمدًا في قلوبنا وقلوب موتانا.

وعندما أشرقت شمس الصباح على الضيعة، تجمّع الرجال والصغار والنساء حول الباص المسافر إلى دمشق.

وقال لنا عمر قبل أن يصعد إلى الباص: (الآغا صاحب نفوذ وجاه في دمشق، وهو الذي نقلني من ضيعتكم لأني لم أصبح خادمًا له ولأني أحبكم، ولكن اليوم الذي تتخلصون فيه من ذلك الآغا وأمثاله ليس بالبعيد بل هو قريب، وسترونه أنتم لا أحفادكم، وستصبح الأرض التي تشتغلون فيها ملكًا لكم).

وركب أبو فياض الباص وبرفقته سلة ملأى بالكرز الأحمر ذي الحبات الناضجة البراقة.

ولما أوشكت شمس الضيعة أن تأفل، بلغ سمعنا بوق الباص العائد من دمشق، فتراكضنا إلى ساحة الضيعة.

أتي الباص، ونزل منه أبو فياض عابس الوجه، واجمًا، وكانت إحدى يديه ما زالت تحمل سلة الكرز.

تصايحنا بدهشة:

(لماذا لم تعط عمر سلة الكرز).

(ألم تقابله).

(ماذا قال لك).

ظل أبو فياض ساكتًا كأنه أصمّ، ووضع سلة الكرز على الأرض، وتكلم بصوت أجش، فقال للصغار: (تعالوا وكلوا الكرز، وعندما تكبرون لا تنسوا طعمه).

ثم مشى متجهًا إلى بيته، فاعترضنا طريقه، وقلنا له: (تكلم، وأخبرنا بما حدث).

قال أبو فياض: (عمر مات).

فزعلنا كأن أمنا قد ماتت، بينما عاود أبو فياض السير وقد ازداد ظهره انحناء .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
naser
عضو نشيط
عضو نشيط
naser


ذكر
عدد الرسائل : 10
العمر : 41
سمعة العضو : 0
نقاط : 119080
تاريخ التسجيل : 31/01/2008

قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر   قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر I_icon_minitime2008-04-27, 00:36

شكرا كتير على الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nada
عضو نشيط
عضو نشيط
nada


انثى
عدد الرسائل : 32
سمعة العضو : 0
نقاط : 119609
تاريخ التسجيل : 04/01/2008

قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر   قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر I_icon_minitime2008-11-15, 00:47

رندا
-6-
أفاقت رندا من نومها، وقالت للشمس : "صباح الخير."
قالت الشمس: "أنا جائعة . أريد حليباً ساخناً."
قالت رندا: "أهلي فقراء ونحن لا نشرب الحليب صباحاً."
فشحب وجه الشمس اشفاقاً وأسفاً.
وفيما بعد كانت الشمس ما أن تتذكر رندا التي لا تشرب الحليب صباحاً حتى يشحب وجهها،
فيقول الناس: "ها هي ذي الشمس موشكة على المغيب."
فتبتسم رندا ساخرة، فهي وحدها تعلم السر في شحوب الشمس، وتكتم ذلك السر.
-7-
قالت رندا يوما لخروفها الصغير: "اكبر بسرعة."
قال الخروف الصغير: "لو كنت تحبينني لما طلبت مني هذا الطلب."
فأكدت له أنها تحبه، ولكنها تتمنى أن يكبر كي تزهو به أمام رفيقاتها.
وكبر الخروف، واقتيد إلى دكان الجزار، فانتحبت رندا انتحاباً مراً لم ينقذ خروفها من سكين
الجزار.
- 10 –
سألت رندا البنفسج: "كيف صار لونك جميلاً أزرق؟"
قال البنفسج: "في القديم كانت الأرض مكتئبة، فأمطرت السحب زهراً بلون السماء بدلاً من
المطر، فكنت أنا ذلك الزهر."
فحدقت رندا إلى السحب السوداء التي تزدحم بها السماء، وانتظرت بلهفة أن تهطل وردا
اسود. ولكن الورد الأسود ظل مختبئاً في السحب.
- 11 –
استلقت رندا على سريرها الصغير متعبة، وحاولت أن تنام. فقال الليل لها: "احكي لي حكاية."
قالت رندا: "لا أعرف أي حكاية."
قال الليل: "ولكن أمك روت لك حكايات كثيرة."
قالت: "نسيتها."
قال: "سأزعل."
قالت: "ازعل."
فزعل الليل، وصار أسود.
-17-
قالت المعلمة لرندا: "هيا اقرأي الحروف المكتوبة على اللوح."
أطاعت رندا، وقرأت بصوت عال" :ألف."
سألتها المعلمة: "حرف ألف.. ماذا يشبه؟."
فكرت رندا قليلاً ثم قالت" :حرف الف يشبه السيف."
قالت المعلمة: "كيف؟! السيف في بلادنا مقوس النصل."
قالت رندا: "انه فعلا سيف عجوز محني الظهر، ولكنه دعي إلى معركة فرجع شابا."
ضحكت المعلمة بينما كانت رندا تبصر حرف ألف وقد تحول إلى ولد مشعث الشعر يركض
في الحقول هاربا من حروف أخرى كثيرة تطارده وتحاول امساكه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nada
عضو نشيط
عضو نشيط
nada


انثى
عدد الرسائل : 32
سمعة العضو : 0
نقاط : 119609
تاريخ التسجيل : 04/01/2008

قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر   قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر I_icon_minitime2008-11-15, 00:49

- 18 –
همت رندا بقطف وردة حمراء جميلة من إحدى شجيرات الورد، فقالت الشجيرة لرندا
بضراعة: "لا تقطفي هذه الوردة فأنا أحبها أعظم الحب"
قطبت رندا جبينها، فقالت شجيرة الورد: "كان وردي قديما ذا لون أبيض ثم صار فيما بعد
أحمر، واذا وعدتني ألا تقطفي من وردي حكيت لك عن السبب."
قالت رندا بفضول: "هيا احكي كيف تحول لونك من أبيض إلى أحمر."
قالت شجيرة الورد: "كنت في قديم الزمان كما قلت لك شجيرة ورد أبيض، وكان يقال عن
وردي أنه يشبه الثلج وغيوم الصيف. وفي يوم من الأيام جاء رجل وقعد قريباً مني، وبكى
بحرارة، فسألته عن السبب، فقال لي أن ثلاثة أيام مرت عليه دون أن يأكل أي طعام، فآلمني
كلامه، وقررت مساعدته، وقلت له: وردي أجمل من الخبز، فاقطف وردة من وردي واجعلها
طعامك، ولا بد من أنها ستسكت جوعك بعض الوقت. فقال الرجل لي: أنت بالتأكيد شجيرة
حمقاء، فهل الوردة الجميلة تشبع معدة جائع؟ وابتعد عني غاضباً، فخجلت خجلاً عظيماً إلى
حد أن لوني الأبيض اختفى، وصرت منذ تلك اللحظة شجيرة تنبت ورداً أحمر اللون."
لم تقطف رندا الوردة ، ولكنها بعد أيام عندما سمعت في الشارع ولدا يقول لأمه باكياً: "أنا
جائع"، هرعت إلى البيت ونظرت إلى المرآة بخوف.
- 25 –
قالت رندا لإحدى صديقاتها: "حينما أكبر سأصير غيمة فأرحل من مكان إلى مكان."
قالت الصديقة" :أما أنا فسأصير ريحاً وأرغمك على السير فوق مشيئتي."
قالت رندا: "لن أصير غيمة، سأصير نجمة."
قالت الصديقة: "ولكن النجمة تختفي حين يأتي النهار."
قالت رندا" :سأصبح وردة."
قالت الصديقة: "ستقطعك الأيدي لتضعك في آنية."
قالت رندا" :سأصير بلبلاًً."
قالت الصديقة: "سيصيدك الصياد ويبيعك لتسجني في قفص."
فكرت رندا حائرة ثم قالت بثقة: "حين أكبر سأظل بنتا صغيرة اسمها رندا."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nada
عضو نشيط
عضو نشيط
nada


انثى
عدد الرسائل : 32
سمعة العضو : 0
نقاط : 119609
تاريخ التسجيل : 04/01/2008

قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر   قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر I_icon_minitime2008-11-15, 00:51

- 28 –
كانت رندا تمشي في سوق مزدحمة، فشاهدت حمارا يقف بالقرب من الرصيف، تثقل ظهره
أكياس مليئة بالحطب، فتوقفت ، وسألته قائلة: "أأنت الحمار؟."!
قال الحمار بصوت ساخط: "نعم.. أنا الحمار، فمن خدعك وقال لك اني غزال أو شحرور؟."!
قالت رندا: "ماذا تأكل؟."
قال الحمار: "افطاري حلوى وغدائي لحم مشوي أما في المساء فلا اكل شيئاً تنفيذا لتعليمات
طبيبي الخاص."
قالت رندا: "وأين تنام؟."
قال الحمار: "أنام في أفخم فندق."
قالت رندا بلهجة موبخة: "أنت حمار سيء الأخلاق. أسألك بتهذيب فتجاوب هازئاً بي؟."!
قال الحمار بنزق: "ضعي على ظهرك هذه الأكياس الثقيلة ثم جاوبي أفضل من أجوبتي."
فسكتت رندا، وفيما بعد عندما شتمها أحد الأولاد وسخر منها واتهمها بأنها تشبه الحمار ، لم
تغضب وضحكت ضحكا أرغم خصمها على الدهشة.
- 36 –
تسير رندا ليلا وهي تمسك يد أمها، وكانت بين الفينة والفينة تنظر إلى أعلى، فتجد القمر
فوقها حتى اقتنعت ان القمر يتبعها.
ولما أخبرت أمها بما يفعله القمر، قالت الأم: "لا تكوني مغرورة، وأنت مخطئة اذا ظننت أن
القمر يتبعك."
فرمقت رندا أمها بزهو، وهي واثقة بأن القمر لا بد من أنه يحب أمها أعظم الحب ولا
يستطيع الابتعاد عنها في الليالي التي يبزغ فيها.
- 37 –
قالت رندا لأمها بلهجة متذمرة: "سئمت القعود في البيت."
قالت الأم: "سنزور جدك . ما رأيك؟."
وما أن تخيلت رندا الباحة الفسيحة للبيت الذي يسكنه جدها، حتى سارعت إلى الترحيب
باقتراح أمها، ولكن الأم قالت لرندا: "يجب أن تعاهديني أولا على أن تقبلي يد جدك حين
ترينه."
فتمتمت رندا بكلمات غير مفهومة، فقالت أمها: "لن آخذك معي إذا ظللت عنيدة كعادتك تأبين
تقبيل يده."
فكرت رندا قليلاً ثم قالت منكسة الرأس" : سأقبل يده."
وذهبت رندا مع أمها إلى بيت جدها، وما ان شاهدت جدها حتى خفق قلبها حبا له،ولكنها ظلت
متجمدة، فقالت لها أمها هامسة بلهجة معاتبة: "اذن كذبت علي؟! ألا تحبين جدك؟."!
قالت رندا: "أنا أحبه ولكني لن أقبل يده."
فابتسمت الأم ابتسامة مرة، وتذكرت أيام كانت طفلة تتكلم كما تتكلم ابنتها ثم صارت الطفلة
امرأة تحني رأسها وتقبل الأيدي، ورغبت في أن تعانق رندا، وتقول لها: "اياك وان تقبلي يد
أحد."
ولكن الأم لم تتحرك وظلت واقفة تحدق بحنق إلى رندا التي كانت تركض في باحة البيت
مقلدة أصوات قطار سريع لا يقف في أي محطة.
- 38 –
كانت رندا لحظة تلصق اذنها بالأرض، تسمع أصواتا عذبة تنشد أغنيات جميلة بلغة مجهولة
غامضة.
وفي أحد الأيام كانت رندا ملتصقة بالأرض، فشاهدتها أمها، وقالت لها متسائلة بفضول" :ماذا
تفعلين؟."
قالت رندا: "اني أسمع."
قالت الأم: "ماذا تسمعين؟."
قالت رندا: "أسمع غناء جميلاً."
قالت الأم مدهوشة : "ما هذا الحكي الأبله؟ هل تريدين أن يقول الناس أن رندا مجنونة؟!
الأرض مجرد تراب وحجارة."
وفي الأيام التالية لم تعد رندا تسمع أصواتا عذبة تغني منبثقة من جوف الأرض، وصارت
الأرض تراباً وحجارة فقط.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nada
عضو نشيط
عضو نشيط
nada


انثى
عدد الرسائل : 32
سمعة العضو : 0
نقاط : 119609
تاريخ التسجيل : 04/01/2008

قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر   قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر I_icon_minitime2008-11-15, 00:53

- 39 –
لم تستطع رندا الواقفة في شارع اغماض عينها أو الصراخ او الانتحاب، انما اكتفت بأن
ترتجف كورقة صفراء تواجه بعناد ريحا شديدة تحاول اجبارها على التخلي عن شجرتها.
واستمرت تحدق إلى الرجل الذي انقض على امرأة جميلة تولول، ورماها أرضاً، وشهر
سكينا، وأهوى بها على عنق المرأة وهو يطلق صرخة مديدة خشنة كأن السكين تطعن قلبه. ثم
نهض واقفاً ملطخ اليدين والثياب بالدم، وقذف بالسكين بعيداً بحركة ازدراء، واشار بيده إلى
المرأة القتيل، وقال للناس بفخر: "هذه أختي، وأنا الذي ذبحها وغسل عاره."
عندئذ اختفت رندا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة قصيرة للكاتب السوري زكريا تامر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة قصيرة
» قصص قصيرة
» من درر ابن القيـم ..قصيرة وررائـعه
» بائعة الأحزان - قصة قصيرة
» راتب السوري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قرية الصومعة :: الثقافة العربية :: الادب العربي-
انتقل الى: