تعرف على روسيا

سلسلة مؤلفة من عدة مواضيع ابدأ لكم بالموضوع الاول ارجو ان تنال اعجابكم

تشكلت قومية تتار القرم في أراضي شبه جزيرة القرم بالقرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين . وينحدر أسلافهم الذين كانوا يقطنون السهوب المطلة على البحر الاسود الى أصول تركية وطورانية.

أنشئت دولة تتار القرم التي اطلقت عليها تسمية خانية القرم في القرن الخامس عشر، وظلت قائمة حتى القرن الثامن عشر. وتعتبر هذه الحقبة فترة لازدهار الثقافة والفنون والاداب لتتار القرم. ومن الاثار المعمارية التي احتفظت منذ ذلك الحين يمكن ذكر قصر الخان في مدينة بخشيساراي (مدينة الزهور). ويجب القول ان خانية القرم كانت على مدى تاريخها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالامبراطورية العثمانية، وكانت تخوض حروبا مستمرة مع إمارة موسكو والدولة الروسية. وفي عام 1571 اجتاحت القوات تحت قيادة الخان دولت غيري موسكو وحرقتها. وبالرغم من ان وحدات الخان انهزمت على ايدي المحاربين الروس بعد مرور سنة واحدة فان اورطات رحالة ما زالت تقوم بجمات على المناطق الروسية المتاخمة للحدود خلال فترة طويلة، ورافق هذه الحملات العسكرية اختطاف الاسرى ونهب السكان.



خانية القرم تدخل الامبراطورية الروسية

تسببت الهجمات المستمرة التي قام بها تتار القرم على الاراضي الروسية في اعلان الحرب على تركيا عام 1735 . واستمرت هذه الحرب بين روسيا وتركيا حتى عام 1739، علما انها كانت حربا رابعة من اجمالي 10 حروب بين الدولتين، واقتضتها ضرورة فرض السيطرة الروسية على الساحل الشمالي للبحر الاسود وغيرها من الاسباب الجيوسياسية.

في عام 1736 احرقت القوات الروسية تحت قيادة المارشال كريستوفر مينيخ مدينة باخشيساراي التتارية واجتاحت مناطق القرم الساحلية. وانتصرت روسيا عام 1783 في الحرب مع الامبراطورية العثمانية، الامر الذي أدى الى احتلال القرم وضمها فيما بعد الى روسيا. وبالرغم من ان السلطات الروسية جعلت الارستقراطية والطبقة الدينية التتارية متساوية في الحقوق مع الارستقراطية الروسية دون ان تحرمها من اية حقوق فان شبه جزيرة القرم شهدت حينذاك هجرة جماعية لتتار القرم الى الامبراطورية العثمانية. وتشكل سلالتهم الآن شتات تتارية في تركيا وبلغاريا ورومانيا. وأدت الهجرة الى انحطاط الزراعة في سهوب القرم. واتخذت الحكومة الروسية اجراءات ترمي الى استيطان سهوب القرم ومدنها الكبيرة، وذلك عن طريق استقطاب مستوطنين من الاراضي الروسية الاخرى.

غاسبرينسكى احد منظري النزعة الطورانية

 لعب اسماعيل غاسبرينسكى صاحب الفكر الطوراني والمثقف والاديب دورا هاما في تاريخ شعب تتار القرم. ويمكن القول ان غاسبرينسكى استحدث بالفعل لغة أدبية جديدة لتتار القرم. ومن اهم فضوله في تاريخ تتار القرم هو نشر التعليم المدرسي غير الديني في اوساط تتار القرم بمطلع القرن العشرين. وينعكس في الوقت الحاضر فكر الوحدة الثقافية واللغوية والتاريخية للشعوب الناطقة اللغات التركية في نظريات ومذاهب طورانية مختلفة.


أول كورولتاي لتتار القرم

عقد في عام 1917 بعد قيام ثورة فبراير/ شباط في روسيا أول كورولتاي (المؤتمر) لشعب تتار القرم اعلن عزمه على تأسيس القرم المستقل المتعدد القوميات. وطرح زعماء تتار القرم فكرة إنشاء دولة فيدرالية متعددة القوميات على غرار سويسرا. لكن حُكم التاريخ لم يكن كذلك. وأنشيئت في عام 1921 جمهورية القرم الذاتية الحكم ضمن الجمهورية السوفيتية الفتية.

احتلال القرم من قبل القوات الالمانية وتهجير تتار القرم

تم احتلال القرم بالقوات الالمانية في عام 1941. وشكلت في اراضي شبه جزيرة القرم لجان تتارية اسلامية اعلنت دعمها لادارة القرم الموالية للنازيين. وقد وعدت برلين أولا لتتار القرم بإنشاء دولة تتارية مستقلة تحت رعاية ألمانيا. لكن برلين رفضت هذه الوعود بعد فترة وقررت ان القرم لا بن ان تغدو جزءا من الرايخ الثالث. وبالرغم من ان قسما من تتار القرم كان يقاتل الى جانب الجيش السوفيتي ويشارك في مقاومة الاحتلال الالماني اتخذ قرار بتهجيرهم من اراضي شبه جزيرة القرم، علما ان ثمة ادلة تفيد بان بعض الاشخاص ذوي اصل تتاري تعاونوا مع النازيين. كما اثبتت وقائع فرار التتار من الجيش الاحمر وقت الحرب. وتم تطبيق هذا القرار في 18 مايو/آيار عام 1944 حيث تم تهجير 180 ألف من التتار قهرا الى آسيا الوسطى واورال وسيبيريا. وقد هلك الكثير منهم في الطريق مصابين بامراض ومجاعة.



عودة التتار الى القرم

منذ اواخر الثمانينات بدأت العودة الجماعية لتتار القرم الى اراضي شبه الجزيرة. ويقطن القرم في الوقت الحاضر ما يقارب 300 الف نسمة من أبناء تتار القرم. وشهدت شبه الجزيرة بعد عودتهم ازمة سكنية، اذ ان الاراضي التي كان يقطنونها اسلافهم قد استوطنها اناس آخرون منذ 50 سنة. وتفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991 فتحولت شبه جزيرة القرم الى جزء من أوكرانيا المستقلة. وقد أنشئ في العام ذاته اثناء عقد الكورولتاي الثاني نظام ادارة الحكم الذاتي لتتار القرم. وقام الكورولتاي بتشكيل سلطة تنفيذية، وهي مجلس شعب تتار القرم او الحكومة التي لا تحظى بصلاحيات رسمية ، اذ انه لم يتم تسجيلها لحد الآن في وزارة العدل لاوكرانيا. وقد انشئت خلال السنوات الخمس عشرة الاخيرة بلدات يسكن فيها ممثلو شعب تتار القرم. ولا تزال مشاكل تطوير البنية التحتية وتخصيص قطع ارضية لسكانها قائمة في القرم التي شهدت في الاونة الاخيرة اشتباكات بين اهالي شبه الجزيرة والمهاجرين التتار.



كما شهدت القرم في الاونة الاخيرة تزايد النفوذ التركي. وتعمل في القرم مدارس دينية لاطفال تتار القرم، وتساعد تركيا التتار في بناء المساكن وتقدم لهم مساعدات انسانية.
.