منتدى قرية الصومعة
اهلا بك عزيزي الزائر
لكي تتمكن من مشاهدة جميع محتويات المنتدى يجب عليك التسجيل
هناك الكثير من المواضيع الشيقة و الممتعة التي لا تظهر الا عند التسجيل
مع تحيات ادارة و اعضاء منتدى قرى صافيتا
منتدى قرية الصومعة
اهلا بك عزيزي الزائر
لكي تتمكن من مشاهدة جميع محتويات المنتدى يجب عليك التسجيل
هناك الكثير من المواضيع الشيقة و الممتعة التي لا تظهر الا عند التسجيل
مع تحيات ادارة و اعضاء منتدى قرى صافيتا
منتدى قرية الصومعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى قرية الصومعة


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصة طفلة - كتبتها د هيفاء بيطار

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
lawyer ali m om
مشرف عام
مشرف عام
lawyer ali m om


ذكر
عدد الرسائل : 287
العمر : 41
مزاجي : قصة طفلة  - كتبتها د هيفاء بيطار Bdrdes10
سمعة العضو : 21
نقاط : 105663
تاريخ التسجيل : 12/12/2009

قصة طفلة  - كتبتها د هيفاء بيطار Empty
مُساهمةموضوع: قصة طفلة - كتبتها د هيفاء بيطار   قصة طفلة  - كتبتها د هيفاء بيطار I_icon_minitime2010-02-01, 01:36

حضارة السرطان



ـ إلى الطفلة العراقية: مريم حمزة ـ‏



أطلت علينا مريم حمزة بوجِهها الطفولي العذب ومشيتها المتعثرة، وحدها طفلة السنوات الست اقتحمت نافذة روحنا الموصدة منذ سنوات بعيدة، والتي عششت الطحالب والعناكب من زواياها.‏



تلاحق الكاميرات الطفلة التي رفعها الحصار أو سرطانُ الدم إلى عالم الشهرة، تلّوحُ مريم لجلاديها بيدها البضَّة الصغيرة، تبتسم بإعياء، تدير عينيها النجلاوين فاقدتي الرؤيةِ بقلقٍ كأنما تبحثانِ بأملٍ عن شعاع ضوء، تعرف مريم أنها لن تبصر النور أبداً، ومع ذلك تحدق بنا بعينيها المطفأتين لتقول لنا: لا فائدة في عيونكم ـ لأنك لا ترون سوى أنفسكم...‏



تقتحم طفلة الحصار والسرطان دفعةً واحدةً نافذةَ روحنا الموصدة، التي نسينا كيف أغلقت ولم نبذل جهداً لفتحها، تُرينا كيف نعيش بعد أن تخلّينا عن روحنا. ومن عينيها فاقدتي البصر يبزغُ شعاعٌ يكشف بلاهتنا وعقم أفكارنا، يفضح زيف حضارتنا. تصفعنا مريم بسنواتِها الستِ التي عاشتها تقاومُ السرطان الذي قدمته لها حضارتُنا البشريةُ هديةً. تسندِ رأسها إعياءً على كتفِ جدتها، تتنهّدُ متعبةً من الكاميرات التي تلاحقُها لتصورها، تشيح بوجهها عن عيوننا الميتة المتلصصةِ عليها، لا تعرفُ أن عيوناً ميتةً تقفُ في الجانب الآخر لتصورِها كيفما تحركت تُغمض عينيها هاربةً من تكنولوجيا حضارتنا، منكمشةً داخل شرنقة روحها المتآكلةِ بالخلايا السرطانية...‏



صرتِ طفلةً مشهورةً يا مريم ـ تتسابقُ الفضائياتُ في عرضِ صوركِ، ويتسابق مراسلوها في تعليقاتهم المؤثرة على حالتكِ، وتقدمين كنموذج لأطفال العراق الذين أهدتهم حضارة السرطان أمراضاً فتاكةً. مريم تلّوح بيدها كملاكٍ مريضٍ وتبتسم لنا. ورغم مناعةِ جسدها المعدومة ـ فإنها تقاوم أن نعديها بأحقادنا، تجد مريم نفسها وسط عالم تستعرُ فيه الأحقادُ، وتتفننُ فيه شهوةُ السلطةِ في تشويه الأطفالِ، وكي يبددَ صانعوا القرارات سأمهم، فإنهم يتسلونَ بتشويهِ أطفالٍ أبرياء كل ذنبهم أنهم أصحّاء، عليكم أن تعتذروا أيها الأطفال الأصحاء السعداء، للسّاديين الكبار، وتتحولوا إلى مسوخٍ تئنُ من الألم والمرضِ، وتستسلم بأجسادها الصغيرة لسرطان الأحقاد ينهشُ طفولتكم... تهربُ مريم من تبنِ أرواحنا الميتة. تهرب من رائحة العفن المقززة التي تشمها رغم عطورنا الفخمة التي نرشها على جلودنا الأشبه بلحاءِ شجرةٍ ميتةٍ. تجدُ مساحةً للحلمِ، ومساحةً للعبِ بين الأنقاضِ والجثث والشظايا ودخانِ الأحقادِ، تجدُ مريمُ مساحةً للعبِ، لأن أنينَ طفولتها لم يخمد تماماً، وفي نسيج حلمها الممزقِ والمتآكِلِ بالسرطانِ، تحاول مريم تصور حياةً حلوة، يرسم خيالها صوراً باهتةً بعيدةً لبلادٍ غامضةً لكنها جميلةٌ، تعيشُ فيها العصافيرُ والأطفال، فيها ساحرةٌ باهرةُ الجمالِ، تلبسُ فستاناً أبيضاً مرصَّعاً بنجومٍ مضيئةٍ، تمسك بيدها عصاً طويلةً في نهايتِها نجمةٌ، تزحفُ مريمٌ مع آلافِ الأطفالِ المصابينِ بسرطان الحصارِ، تلمسُ الساحرةُ الخيّرةُ رؤوسَ الأطفالِ بنجمتِها فتشفيهم للحالِ. تعجزُ مريمُ عن متابعةِ حلمها تنتبهُ أن الممرضةَ تقدم لها الدواءَ المرُّ في سيرنغ، تبتلع الطفلة الطعم المقزز، ترمقُ بعينيها الميتتين الكاميرات، يندلق الدواء من فم مريم، لعلها ترغب أن تتقيأنا، دون أن تعلم، بعد كيف تحتقرُنا..‏



في بيت جدتَها ـ ترغبُ مريم باللعبِ، تُنحّي سرطانَها جانباً، تتجاهلُ ظلام عينيها، تمدُّ يديها في الفراغِ الموحشِ حولَها، تصطدمُ بوسادةٍ وبكتفِ جدَّة هزمها الحزنُ، وأهرمها قبل أوانها، تمضغُ مريم لباناً وتبتسمُ بإعياء، مريمُ لا تزالُ قادرةً على الفرحِ! لم ينهشْ السرطانُ فَرَحَها كلَّه! فرحها أشبه بشظيةٍ مدفونةٍ في أعماقِ روحها، هناك في آخرِ مطافِ روحِها استطاعتْ مريم أن تخبِّئَ فرحَها. فلم يخنقهُ الحِصارُ، ولم تعزهُ حضارة السرطانِ.‏



ما أحلى عينيك يا مريم، في موتهما شيءٌ حيٌّ، شيءٌ أعظم من شعاعِ نورٍ، ومن شرنقةِ كفنهما السوداء تولد الحياة الوردية.... ليلُ عينيكِ يا مريم ينتهي بقوس قزح، يلامسُ سماءً مضيئة، حيث لا صواريخ ولا طائراتٌ تمزقُ وشاحَ زرقتها ليلُنا عقيم يامريم، ليلُنا هو عزلتنا وموتُنا..‏



تتكلم مريم بصوتٍ مشققٍ، مزَّقَهُ السرطانُ: أرغبُ أن أعودَ إلى أمي وأبي وأخوتي، تنهمرُ كلماتُها كالترابِ، تعيدنا كلماتها إلى الترابِ الذي منه خلقنا تديننا وتعلمنا كيف ندين أنفسنا بعد أن تغمرنا بالمرارة، كم تشعرنا مريم بالعجز والعار ترشدنا مريم من حيث لا تدري لاكتشاف ضلال نفوسِنا. ما حريتنا التي نتغنى بها يا مريم سوى عزلةٍ مريرةٍ، ما آراؤنا التي نتبجّحُ وندافعُ عنها سوى صدىً لعالمِ الموتِ الذي نعيشُهُ.‏



من شقوقِ أحلامنا تتسللُ مريمُ بوجهها العذبِ لتصفعنا وتُرينا عالمَ السقوطِ والأنانيةِ اللذين نعيشهما.‏



تفرزُ عيوننا الميتة التي ترى ولا تُبصِرُ دمعةً لزجةً تأثراً لحالةِ مريمَ، دمعةً تعني: الحمد لله أننا لسنا مثلَ طفلةِ الحصار هذه، وأنَّ أطفالنا لا يعانون سرطان الدم مثلها، دمعةً لزجةً تعني: دعينا يا مريم جالسين في كفننا الدافئ، وبيدنا جهازُ التحكمِ، نُقلّب الفضائيات لنسّلي أنفسنا، اعذرينا يا مريم ولا تطيلي التحديق بنا بعينيك المطفأتين، إذ أن أرواحنا المتلّبدة تخافُ العيون الميتة، عساها تخرجنا من مواتنا وتطلقنا في عالم الإحساس. نخشى الإحساس يا طفلةَ الحصارِ ـ لأنَّ معاني عظيمة ملتصقة بهِ، معاني ماعادت تملك رصيداً:‏



الحرية، الوطن، الشرف، الإنسانية....؟!‏



دعينا لاطئين هكذا ياطفلة الحصار، دعينا لاطئين على هامشِ حضارةِ السرطان، نُقّدمُ ولاءَ الطاعةِ لصانعين القراراتِ، ترّفِهُ عن أنفسنا بالإعلاناتِ المغريةِ، وتأملِّ النهودِ الضامرةِ والأفخاذِ العاريةِ لعارضاتِ الأزياءِ لكننا نعدِكُ يا مريمُ ـ كلما أطللت علينا بوجهكِ العذبِ ـ أن نذرفَ دمعةً لزجةً على بؤسِ طفولتكِ..‏



هذا الصباح، أخرجتني مريم من شرنقةِ موتي، دفعتني خارجَ خط يومي المقررِ سلفاً، ورغم أنني مشيتُ في الشارع ذاته الذي أجرُّ فيه قدمي كلَّ يومٍ، إلاَّ أنَّ هذا الشارع كان يقودني لاكتشافِ نفسي، تأملتُ الحجارةَ الميتةَ للمدينةِ، والوجوهَ المطفأة حولي، غمرتني الشفقة، نسيرُ تائهين في الشوارع، نحلمُ ونحن بكامل يقظتنا، كلٌّ منا يعيشُ عزلةً خانقةً داخلَ شرنقةِ روحهِ، انتبهتُ للمرةِ الأولى للمطبِّ المخيفِ الذي وقعنا فيه، نحن لسنا أحراراً بل وحيدون، نحن نخلطُ بين الحريةِ والوحدةِ كي نعزِّيَ أنفسنا؟ كنتُ أمشي وإحساسٌ طاغٍ بالعجزِ يتقمصني، أحس بثقلهِ على كفتي... إحساسٌ يدفَعُني كي أركع أمامَ طفلةِ الحصارِ وأصرخَ بكلِ طاقةِ روحي الخرساءِ: كيف سنساعدك وأمثالك يا مريم؟ وإلى متى سنظل عاجزين عن تغيير حياتنا، نحن نراكم أياماً ولا نعيش.. كيف ندّعي الإنسانية والحضارة، ونحن نُقدّم لمريم دميةً لا تتلف، تلهو بها طوالَ طفولتِها وسنواتِ عمرها: السرطان.‏



ماكان مقرراً أن أذهب إلى البحر هذا الصباح، لكنَّ مريم التي أطلَّتْ عليَّ مبتسمةً، ذوَّبتْ بلادةَ روحي، ودفعتني رغماً عني للذهاب إلى صديقي الوحيدِ ـ البحر ـ لأنَّه الوحيد الذي يملك موهبةَ الإصغاء لأنين الأرواحِ المعذَّبةِ. كان صوتُ البحرِ مختلفاً هذه المرة، أغمضتُ عيني لأسمعَ أنينَ طفولةِ طفلةِ الحصارِ والسرطان..‏



من مثلكِ يا مريم قادرٌ أن يمزِّق كفن موتِنا، عسانا نقدر بعد موتٍ طويل أن نوّلِدَ الحياة..‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طائر الفينيق
مشرف عام
مشرف عام
طائر الفينيق


ذكر
عدد الرسائل : 1446
العمر : 46
المزاج : حزين
مزاجي : قصة طفلة  - كتبتها د هيفاء بيطار 7azeen10
سمعة العضو : 332
نقاط : 112343
تاريخ التسجيل : 05/03/2009

قصة طفلة  - كتبتها د هيفاء بيطار Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة طفلة - كتبتها د هيفاء بيطار   قصة طفلة  - كتبتها د هيفاء بيطار I_icon_minitime2010-02-01, 06:47

من مثلكِ يا مريم قادرٌ أن يمزِّق كفن موتِنا، عسانا نقدر بعد موتٍ طويل أن نوّلِدَ الحياة
قصة مؤثرة شكرا كتير يا استاذ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة طفلة - كتبتها د هيفاء بيطار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صراع قصة للكاتبة هيفاء بيطار
» طفلة ترد عالتلفون
» طفلة فلسطينية لها أُمان
» محاولة لاغتيال هيفاء
» زفة هيفاء على شاشة التلفزيون

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قرية الصومعة :: منتدى الاسرة و المجتمع :: الاطفال-
انتقل الى: